بقلم: أحمد الدواس

عملت في إحدى الوزارات، وتعرفون مَن مِن الوزارات أقصد، ولم يكن فيها من الموظفين الوافدين العرب سوى موظف عربي واحد أو اثنين، وكثيرا ما كنت أعمل بعد الدوام بنحو نصف ساعة، أي الى الساعة الثانية والنصف عصرا بدلا من الثانية، وفي يوم مكثت أعمل في مكتبي بعد ان خرج الموظفون، فأحسست بوجود هذا الوافد يدخل ممر إدارة الأميركتين التي أعمل فيها، وهو يغني، يحسب أن لا أحد فيها، فصار يأخذ هذه الصحيفة الكويتية من ذاك المكتب، ويخرج منه ليأخذ صحيفة أخرى من المكتب المجاور، ويبدو ان هذا دأبه بعد خروج الموظفين، حيث لم تكن مكاتب الموظفين والديبلوماسيين تُغلق، بل كانت أبوابها مفتوحة، وربما ظن أنه إذا أخذ خمس صحف فكأنما وفـر على نفسه إنفاق 15 دينارا كل شهر.
شاهدته والصحف بيديه فسألته: لـَم أنت هنا؟ فارتبك وتلعثم، وقال انه كان يريد فحص محول الكهرباء! والحقيقة اني شاهدته يدخل المكاتب بحثا عن الصحف.
حدث هذا الأمر في عام 2000 تقريبا، ولما زرت الوزارة قبل سنتين للحصول على ورقة رسمية منها، تفاجأت بكثرة عدد الوافدين العرب العاملين من رعايا جالية معينة، فهذا في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، قبل دخول مبنى الوزارة، وهذا يقدم لك الشاي، والثالث يحمل الأوراق الرسمية من مكتب لآخر، والرابع ساعي بريد…ما هذا ؟ ومن أمـَر بذلك؟
ان من سمح لهم بالعمل بهذه الكثرة قد أخطأ خطأ فادحـاً، فأسرار الدولة يجب ألا يطلع عليها الوافد، أو ينقلها من مكتب لآخر، ولنضرب مثالا حدث فيها، فقد استغل آسيوي خروج الموظفين من الدوام وأرسل رسالة “فاكس” لسفارته، فمن كشفها يا ترى؟ لقد كشفتها وزارة الاتصالات عند التدقيق في كشوفات مصروفات هواتف الوزارة، إذ ظهرت تكلفة التلكس الى السفارة الآسيوية، وبان موعد إرساله لم يكن خلال ساعات الدوام.
هيـا… فطالما نحن قد بدأنا عهدا جديدا من الإصلاح، نأمل من حكومة رئيس الوزراء سمو الشيخ أحمد النواف، حفظه الله ورعاه، ان تجري تعديلات بحيث تستغني تلك الوزارة عن الوافدين العرب، فالآسيويون مثلا لا يستطيعون قراءة التقارير والمذكرات الرسمية، وبالإمكان وضعهم تحت مراقبة الكاميرات الأمنية، والأفضل طبعا تكويت الوظائف بأن يكون كويتيا في غرفة المراقبة الأمنية عند مكتب الاستقبال، ومواطن آخر كساعي بريد بين الوزارات، أما الضيافة فيتكفل بها آسيوي.

سفير كويتي سابق

 
Top